فصل: بَابُ الْفَوَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.بَابُ الْفَوَاتِ:

(وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ يَمْتَدُّ إلَيْهِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَتَحَلَّلَ وَيَقْضِيَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ»، وَالْعُمْرَةُ لَيْسَتْ إلَّا الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْدَمَا انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا طَرِيقَ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ وَهَاهُنَا عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ، فَتَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ التَّحَلُّلَ وَقَعَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَكَانَتْ فِي حَقِّ فَائِتِ الْحَجِّ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
الشرح:
بَابُ الْفَوَاتِ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ عَنْ رَحْمَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ، وَنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيُحِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ»، انْتَهَى.
وَرَحْمَةُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَضَعَّفَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِيسَى التَّمِيمِيِّ النَّهْشَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ بِهَا وَالْمُزْدَلِفَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيُحِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ»، انْتَهَى.
وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى النَّهْشَلِيُّ، قَالَ النَّسَائِيُّ فِيهِ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: كَانَ مِمَّنْ سَاءَ حِفْظُهُ، وَكَثُرَ وَهْمُهُ، حَتَّى خَالَفَ الْأَثْبَاتَ، فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ضَعِيفًا، لَيْسَ بِشَيْءٍ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ:
الْقَائِلِينَ بِهَدْيِ الْفَوَاتِ، وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ لِمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي وُجُوبِ هَدْيِ الْفَوَاتِ بِثَلَاثَةِ آثَارٍ:
أَحَدُهَا: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ جِهَتِهِ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ النَّحْرِ مِنْ الْحَاجِّ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيَأْتِ الْبَيْتَ، فَلْيَطُفْ بِهِ سَبْعًا، وَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، ثُمَّ لْيَحْلِقْ، أَوْ يُقَصِّرْ إنْ جَاءَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَنْحَرْ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، فَلْيَحْلِقْ أَوْ يُقَصِّرْ، ثُمَّ لِيَرْجِع إلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ فَلْيَحُجَّ إنْ اسْتَطَاعَ، وَلْيُهْدِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ. انْتَهَى.
الْأَثَرُ الثَّانِي: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إذَا كَانَ بِالْبَادِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْت، فَإِذَا أَدْرَكَك الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَاحْجُجْ، وَاهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ. انْتَهَى.
الْأَثَرُ الثَّالِثُ: رَوَاهُ مَالِكٌ أَيْضًا أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك، وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ احْلِقُوا، وَاقْصُرُوا، وَارْجِعُوا، فَإِذَا جَاءَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَاهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ. انْتَهَى.
قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْحَجَّ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ»، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ مُرْسَلٌ وَضَعِيفٌ، انْتَهَى.
(وَالْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ يُكْرَهُ فِيهَا فِعْلُهَا، وَهِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ الْعُمْرَةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ الْحَجِّ فَكَانَتْ مُتَعَيَّنَةً لَهُ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ، لِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ رُكْنِ الْحَجِّ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا قَبْلَهُ، وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ أَدَّاهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ صَحَّ وَيَبْقَى مُحْرِمًا بِهَا فِيهَا، لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِغَيْرِهَا، وَهُوَ تَعْظِيمُ أَمْرِ الْحَجِّ وَتَخْلِيصُ وَقْتِهِ لَهُ فَيَصِحُّ الشُّرُوعُ.
الشرح:
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ الْعُمْرَةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ: يَعْنِي يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ.
قُلْت: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَلَّتْ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، إلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَرَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ الْبَحْرُ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ: خَمْسَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، اعْتَمِرْ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَا شِئْته،انْتَهَى.
وَلَمْ يَعْزُهُ.
(وَالْعُمْرَةُ سُنَّةٌ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَرِيضَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْعُمْرَةُ فَرِيضَةٌ كَفَرِيضَةِ الْحَجِّ».
وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْحَجُّ فَرِيضَةٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَقَّتَةٍ بِوَقْتٍ وَتَتَأَدَّى بِنِيَّةِ غَيْرِهَا كَمَا فِي فَائِتِ الْحَجِّ، وَهَذِهِ أَمَارَةُ النَّفْلِيَّةِ وَتَأْوِيلُ مَا رَوَاهُ أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِأَعْمَالٍ كَالْحَجِّ إذْ لَا تَثْبُتُ الْفَرْضِيَّةُ مَعَ التَّعَارُضِ فِي الْآثَارِ.
قَالَ: (وَهِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْعُمْرَةُ فَرِيضَةٌ كَفَرِيضَةِ الْحَجِّ».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ أَبِي يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ، لَا يَضُرُّك بِأَيِّهِمَا بَدَأْت»، انْتَهَى.
قَالَ الْحَاكِمُ: الصَّحِيحُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ قَوْلِهِ، انْتَهَى.
فِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ ضَعَّفُوهُ، وَلَكِنْ لَهُمْ آخَرُ فِي طَبَقَتِهِ ثِقَةٌ، وَقَالَ فِيهِ الْمَكِّيُّ أَيْضًا، فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَالَ، ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَرْضَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ: خَرَقْنَا حَدِيثَهُ، قَالَ: وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَوْقُوفًا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ زَيْدٍ مَوْقُوفًا، قَالَ: وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ مَرْفُوعًا، وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفًا. انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَأَنْ تَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ».
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا: وَتَعْتَمِرُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِيهَا شُذُوذٌ، انْتَهَى.
وَلَمْ يَعْزُهُ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ، وَإِنَّمَا قَالَ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ الْحَافِظُ فِي صَحِيحِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ طُولٌ، ذَكَرَ فِيهِ الْإِيمَانَ، وَالْإِسْلَامَ، وَالْإِحْسَانَ، وَهُوَ حَدِيثُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي آخِرِهِ: «وَمَا عَرَفْته حَتَّى وَلَّى»، وَلَمْ يَعْزُهُ الشَّيْخُ بِشَيْءٍ، وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ كَذَلِكَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: اُحْجُجْ عَنْ أَبِيك، وَاعْتَمِرْ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِي إيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ، إذْ الْأَمْرُ فِيهِ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ.
وَإِنَّمَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ فِعْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: سَبَقَهُ إلَى هَذَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ فَقَالَ: وَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ نَظَرٌ، فَإِنَّهَا صِيغَةُ أَمْرٍ لِلْوَلَدِ، بِأَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ وَيَعْتَمِرَ، لَا أَمْرٍ لَهُ بِأَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَحَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ عَنْ أَبِيهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، فَلَا يَكُونُ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِيهَا لِلْوُجُوبِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ.
مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَاجِبَتَانِ»، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَابْنُ لَهِيعَةَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ»، انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ حَبِيبٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعُمْرَةِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا ذِكْرُ الْعُمْرَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا فِي التَّحْقِيقِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ»، انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد هَذَا قَالَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ: إنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ، مَنْ اسْتَطَاعَ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، فَمَنْ زَادَ بَعْدَهَا شَيْئًا فَهُوَ خَيْرٌ وَتَطَوُّعٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأُخْبِرْت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ الْحَجِّ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا، انْتَهَى.
وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، انْتَهَى.
وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ أَحَدٌ إلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ. انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ إلَّا أَهْلَ مَكَّةَ، فَإِنَّ عُمْرَتَهُمْ طَوَافُهُمْ، فَلْيَخْرُجُوا إلَى التَّنْعِيمِ، ثُمَّ لِيَدْخُلُوهَا، فَوَاَللَّهِ مَا دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا»، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَةِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ: الْوُجُوبُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْحَجِّ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَقْضِيَ الْحَجَّ عَنْ أَبِيهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ: قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ فِي الْحَدِيثِ، فَيُحْفَظُ بَعْضُ الْحَدِيثِ دُونَ بَعْضٍ، وَقَدْ يُحْفَظُ كُلُّهُ، فَيُؤَدِّي بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ السُّؤَالِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْحَجُّ فَرِيضَةٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ».
قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ، وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «الْحَجُّ فَرِيضَةٌ، وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ»، انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى الْخُشَنِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ»، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَعُمَرُ بْنُ قَيْسٍ مُتَكَلِّمٌ فِيهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ؟ قَالَ: لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ: الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا غَيْرُ، قَالَ شَيْخُنَا الْمُنْذِرِيُّ: وَفِي تَصْحِيحِهِ لَهُ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْحَجَّاجَ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ، وَضَعَّفَاهُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَفَعَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَعُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ غَيْرُهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. انْتَهَى.
وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ضَعِيفٌ، قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدٌ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَبِي عِصْمَةَ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَ نُوحٍ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ عَدِيٍّ، وَابْنِ مَعِينٍ، قَالَ: وَهَذَا يُعْرَفُ بِالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَعَلَّ أَبَا عِصْمَةَ سَرَقَهُ مِنْهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: رَوَى عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّع»، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا كَذِبٌ، مِنْ بَلَايَا عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ، رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَاهَانَ الْحَنَفِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاهَانُ ضَعِيفٌ، وَأَوْهَمَ ابْنُ قَانِعٍ أَنَّهُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ: بِأَنَّ عَبْدَ الْبَاقِي بْنَ قَانِعٍ مِنْ كِبَارِ الْحُفَّاظِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ، وَقَوْلُهُ فِي أَبِي صَالِحٍ مَاهَانَ الْحَنَفِيِّ: إنَّهُ ضَعِيفٌ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مَشَاهِيرُ، قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَبُو صَالِحٍ مَاهَانُ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ عَمَّارٌ الذَّهَبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الشَّيْخُ: وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَحِيرٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَمِنْ دُونِ سَالِمٍ ثَلَاثَةٌ مَجَاهِيلُ لَا يُعْرَفُونَ، قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «مَنْ مَشَى إلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَحَجَّةٍ، وَمَنْ مَشَى إلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، فَأَجْرُهُ كَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ»، وَأَعَلَّهُ بِضَعْفِ الْقَاسِمِ، قَالَ: وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ مَجْهُولٌ، وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ: حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ مَجْهُولٌ، عَجِيبٌ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَبُو مُعِيدٍ بِيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ شَامِيٌّ مَشْهُورٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى عَنْهُ الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، وَزَيْدُ بْنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَيُرْوَى عَنْ مَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَنَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى انْتَهَى: مِنْ الْإِمَامِ.